حدثت معركة أُحد في السّنة الثالثة للهجرة، وكان السّبب المباشر لهذه الغزوةِ هو رغبة أهلِ قريشٍ بالانتقام من المسلمين لقتلاهِم في معركة بدر، واستعادة مكانتِها بين العرب، كما أنَّ قُريشاً رأت قوّةَ المسلمين تزدادُ يوماً بعد يوم، فأرادوا أن يضعوا حدّاً لتهديدِ المسلمين لوجودهم، وحماية الطّرق التجاريّة المُؤدّية لبلاد الشّام.
من اللّحظة التي عاد بها القرشيّون إلى مكة مهزومين، خصّصوا أرباحَ قافلةِ أبي سفيان - التي نَجَت من المسلمين - لتجهيزِ قوّة للحرب، فجمعوا ثلاثة آلافِ مُقاتل معهم مئتا فارسٍ، وسبعمائة مُقاتل يلبسون الدّروع، بقيادة خالد بن الوليد "وتقول الروايات بأنّ خالد بن الوليد لم يُهزم في معركةٍ طيلةَ حياته" كما خرجت مع جيوش المشركين النساءَ لتشجيعِهم على القتالِ.
وصلت الأخبارُ إلى رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم- أنّ قريشاً جهّزت جيشاً لغزوِ المسلمين في المدينةِ المنوّرة، فجمعَ المسلمين واستشارهم: أيُقاتلون المشركين داخلَ المدينة، أو يَخرجون لملاقاتِهم خارج المدينة؟ وأخيراً وقع الخيارُ على الخروجِ لملُاقاتِهم خارج المدينة، فشكّلَ الرّسول الكريم ثلاثةَ ألويَةٍ: لواءَ المهاجرين وحملَ رايتَه مصعب بن عُمير، ولواءَ الأوسِ وحمل رايتَه اُسيد بن خُضير، ولواء الخزرجِ وحملَ رايتَه الحَبّاب بن المُنذر.
ومن خلال مقارنة عدد جيوش المسلمين وعدّتِهم مع جيوش قريش وعدّتهم، نُلاحظ الفرق بين الجيشين عَدَداً وعُدّةً، إلّا أنَّ جيوش المسلمين أكثرَ قوّة من جيوش المشركين بإيمانهم وصدقهم وهدفهم.
مجريات الغزوةعند وصول المسلمين إلى جبل أُحد اتّفقوا على مُلاقاة المشركين في هذا المكان؛ فوزَّع النّبي الكريم الجيشَ وخصَّص قمّة الجبلِ لفريقِ الرّماة، وأمرَهم ألّا يُغادروا مواقعَهم حتى يأمرَهم بذلك، فدارت المعركة بين الفريقين: فريق الإيمان وفريق الشّرك، وتفوّق المسلمون على المشركين في بداية النهار وانهزم جيش المشركين، إلّا أنَّ خالدَ بن الوليد شاهدَ الرّماة قد بدؤوا بالنّزول عن قمّةِ الجبل مخالفين أوامرَ النّبي الكريم، فاغتنم الفرصةَ ودارَ حولَ الجبلِ بفرسانِه وهاجم المسلمين من الخلف، فأصابهم بالذعر، وبقي نفر قليل من المسلمين ملتفّين حولَ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم- لحمايته من المشركين الذين حاولوا الوصول إليه، وبعد أن فشلوا في ذلك، تركوا ساحةَ المعركة مُتوعّدين بمعركةٍ أخرى في العام القادم.
عند انصرافِ المشركين من ساحة المعركة، أرسل الرّسول الكريم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في أثَرِهم وقال له: " اخرج آثارَ القومِ فانظر ماذا يصنعون وما يريدون، فإذا كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبلَ فإنهم يريدون مكّة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة،... الخ" فتبيّن أنَّ وجهتَهم العودةُ إلى مكّة.
بدأ النبي الكريم بعد انصراف المشركين يتفقّد الجرحى ويُسعفهم؛ فوجدَ عمّهُ أسد الله حمزة بن عبد المطّلب بين القتلى، وقد مُثِّلَ بجُثَّتِه من قِبَل هند بنت أبي سفيان، التي كانت قد خصّصت جائزةً لمن يقتلُ حمزةً انتقاماً لمقتلِ والدها في غزوةِ بدر، فلو التزمَ الرُّماة بأمرِ النّبي الكريم لما خسروا هذه المعركة.
المقالات المتعلقة بأسباب غزوة أحد